Monday, October 4, 2021

النظرة الإلهية

 


كنت على الهاتف أحاول أن أشرح لك كم تبدو أبراج الكويت اليوم أقرب من المعتاد، قلتها بالفصحى هكذا "أبراج الكويت اليوم تبدو أقرب من المعتاد" ضحكت من ملاحظاتي الغريبة وطريقة عقلي في اختيار ما يقوله وما يفكر به. هل نختار فعلاً ما نفكر به، أظن لا، لكننا بكل الأحوال، أحيانًا، أو غالبًا، يمكننا اختيار ما نقوله.

بدأ اليوم حزينًا ولا يبعث على الأمان، وحين جلست في سيارتي قلت لنفسي بصوت استيقظ للتو "سورة طه" لأنها تشبه الحضن وحين اشتد الحضن عند الآية السابعة وأنا أخرج من قطعتنا السكنية للشارع، بكيت. شكرت الله لأنني اخترت ألا أضع المكياج اليوم.

أنا قوية جدًا وحين سألتني المذيعة في الإذاعة "أنتِ إنسانة حساسة؟" قلت لها "حساسية مفرطة" وكل هذا صحيح عني. أذكر أن "حساسية مفرطة" كان أحد السلبيات المذكورة عني في تقييم إداري في أحد المنتديات على الإنترنت أيام ما كانت المنتديات على الإنترنت هي طريقتنا في قول الأشياء لآخرين لا نعرفهم. لكن أظن أن المدونات الإلكترونية هي من فتح الباب الفعلي نحو حرية كل الأشياء، غير أن الكلمة تحررت قبل أن تتحرر الفكرة حتى وإن بدا هذا غير مرتب ولا منتظم. كنا نقول الكلمات الكبيرة لأننا نقدر، وقبل أن ندرك كل معانيها الممكنة. كانت نشوة فعلية أن تكتب ما تشاء كيفما شئت بلا رقيب ولا أشخاص يكيدون لك في منتديات عامة دون أن تفهم الأسباب. أليس مضحكًا أن الإنسان يختار أن يكون إنسانًا في كل المساحات مهما وهبت له هذه المساحات إمكانية أن يكون أي شيء آخر، قطة مثلاً، قطعة شوكولا، أو حتى "شباصة". كان اسمي المستعار في المنتديات "شباصة" ما يعني مشبك شعر صغير أو ربطة شعر باللهجة الكويتية وربما لهجات أخرى في الخليج لكني لست بصدد قولها كمعلومة تسبب مشاجرات فوضوية لا معنى لها كما يحدث غالبًا في هذه المحيطات أو الفضاءات أو العوالم. أحب أن أحسب لي صدقي، لم أغير اسمي ولا مرة حتى حين كان الافصاح عن الأسماء في الإنترنت يسبب الرعب أو يعتبر عيبًا عند بعض من يبالغون في كل شيء. كان اسمي دائمًا ريم، لكن العمر كان دائمًا كذبًا، اسحب نقطة الصدق مني، يبدو أنني لا أستحقها في النهاية. هل تغفر لي، يا من يفترض لك أن تغفر إن كنت تضع نفسك في هذا الدور، لو قلت أني كنت أكتب في المدونات والمنتديات ومواقع الإنترنت وأنا في الثانية عشر من عمري كلامًا كبيرًا ما كان أحد سيأخذه على محمل الجد لو أنني كنت صادقة كما أحب وكما ينبغي؟ لأ؟.. براحتك.. خسارتك.

 - لما لا تقفين في صفي؟

 أنا في صف الإله دائمًا. في صف من يرى غباءاتنا من الأعلى ويعلم كم كان بالإمكان تجنبها. في صف النظرة الإلهية.

ضحكت طويلاً على تعليقي. كنت تلعب لعبة تكون فيها شيطانًا وفي إحدى مراحلها يتعين عليك أن تقتل آلهة، أنثى، كي تنتقل إلى مرحلة ما. جوابي على كل حال كان رجوعًا لحديث سابق بيننا. أليس عجيبًا ما يمكن للكلمات أن تخلقه بين فردين يعيشان الحياة؟ حلوة فكرة الألفة، المشاركة، الفكرة التي تكون في رأسك وتصير في رأسين لأنك وضعتها بأفضل ما تستطيع بهيئة كلمات يضحك عليها أغلب الناس وتعلق عليها أنت "أحب شلون مخج يفكر" مثلك لا أنكر، أحب شلون مخي يفكر، حتى حين يبالغ كثيرًا دون أن يطلب أحد منه كل هذه المبالغات.

لا أدري إن كان محسن الرملي كتب في "هيام" الشخصية الرئيسية في روايته "ذئبة الحب والكتب" ما يشتهي الرجل أن تكون عليه المرأة التي يحبها، أم ما هي عليه بعض النساء فعلاً. هل هذا نحن؟ بعضنا؟ شكل منا لا نعرفه؟ أم لا يشبهنا ولا يمثلنا كما يليق بنا؟ هل ينظر لنا الرجل هكذا؟ أم أن هذا ما يراه في حين لا نراه نحن وهو موجود فعلاً؟ وأنا أقرأ هيام في الصفحات الأولى هالني كم تشبهني، اقتبست منها كثيرًا مقاطع أرسلها للأصدقاء أو أضعها على حساباتي لأقول كم تشبهني. في الفصول بعد ذلك شعرت بهيام تبتعد عني، لا لأني ألصقت عليها حكمًا أخلاقيًا جاهزًا، بل عكس ذلك تمامًا، هيام تركتني لأنها عاشت أعمق مني ربما، ليس بالمجمل، ولكن في مواضع ومواقف ما. أنا أكيدة أني عشت أعمق من هيام في مواضع ومواقف أخرى، وهذا ما جعلها تبتعد، وجعلني أتأمل، وأتساءل. كيف لي أن أعرف ما تحس به أم؟ أو زوجة مع زوجها؟ أنت تحاول ما استطعت ألا تصدر حكمًا نابعًا من تجربتك على كل من يمر بتجربة مشابهه، وأنا ماذا؟ أنا من لم يجرب بعد، ولا يدري حقيقة إن كان يريد أن يجرب بعض هذه الأدوار. فلا حكم هنا، دوامة أفكار وتساؤلات عما يبدو ممكنًا لو ذهبنا هنا وعما يبدو ممكنًا لو ذهبنا هناك. مجددًا، أليس عجيبًا أن ترى شخصًا يشبهك يختار أشياء كثيرة ما اخترتها أنت. كأنك تشاهد ما يمكن للحياة أن تكونه، ولو تخليت عن بعض غرورك لعلك تقدر بعد قليل على أن ترى ذلك في كل البشر والكائنات، كل حيواتهم هي احتمالات لما يمكن لحياتك أن تكونه وهذا على وسعه وتحريره للآدمي، مخيف ويدعوك للتواضع.. أنت لا تدري، وهذه نجاتك من غرورك، تذكر.

لم أنهي الرواية بعد. كنت أتأمل من الدور العاشر حركة السير في الأسفل، السيارات البعيدة جدًا وليست على بعد نظر من يقفون على إشارات المرور منتظرين بضجر وغضب أن يأتي اللون الأخضر. السيارات القادمة من الطرق الفرعية، دخولها على الطرق الرئيسية. حنق السائقين، سرعتهم، الفوضى والغباء الممكن تجنبه في نظر من يرى من أعلى لكنه غير ممكن لمن هم في الأسفل لأن الإنسان ينظر من منظوره الخاص ولا ينظر من الأعلى. وأنا أشرح لك كل هذا على الهاتف قلت لك:

-        فكرت للتو أن الله ربما ينظر لنا بهذه الطريقة، يعرف الآتي الذي لا نراه، وكل الحماقات والغباءات الممكن تجنبها لو أننا نظرنا للصورة الأشمل. أوه، إنني من مكاني أجرب النظرة الإلهية للأشياء.

هو يرحمنا ربما لأننا نبدو مساكين فعلاً من أعلى، ونحن صغار هكذا وغاضبون ومسرعون ونؤذي بشكل جاد آخرين مثلنا، يتصرفون بنفس الحماقة والثقة. أو ربما لأنه الله، لأنه كل الأسماء التي كتبها على نفسه. ضحكت أنت.. لأن عقلي فعلاً أعجوبة، هل علي أن أتواضع وأنكر؟ لن أفعل.. العقل أعجوبة الزمان، كل عقل وليس فقط عقل هذه الفتاة التي تصدق بسذاجة أنها من الدور العاشر قادرة على أن تحب الإله بطريقة جديدة وهي تراقب عبور السيارات من أعلى.

Wednesday, March 24, 2021

لا أعرف الآن.

 


لا أعرف الآن، سأعرف لاحقًا، لكني أملك إحساسي دومًا.

ظهرت الجملة في رأسي وأنا أدخل الحمام للمرة الكففت عن العد في الحقيقة لهذا اليوم في العمل. وجدتني ولم أجدها، كانت هذه علاقتي بالجمل والكلمات منذ عرفت أنني أقدر على استخدامها بطرق غير التي عرفتها وألفتها ومارستها، طرق من الممكن أن تسمى فنًا أو أدبًا أو فضائح وترهات العقل البشري. حين شاهدت فيلم the man who knew infinity  قلت لصديقتي أنني مثله، تأتيني الكلمات من مكان ما دون أن أفكر فيها حقًا، كبرت فيما بعد وسمعت الكثير مما قيل عن الكتابة. بعضهم يرفض هذه النظرة الرومانسية التي تحيل الكتابة لطقس روحي من الإلهام الخالص، واصفين المرحلة بالصعبة والمضنية ومفردات عذاب أخرى كبيرة وتجعل المرء يتساءل: إذن لماذا؟ هؤلاء أيضًا يؤمنون أن الكتابة بحاجة لانضباط وأوقات محددة خلال اليوم وعدد كلمات محددة في الأسبوع ومراحل تقيم وحفلات تنظيم لم أحضرها غالبًا كما ينبغي، أنا التي جربت كل شيء ووجدت التالي:

لا شيء ثابت حقًا.

لم أكن يومًا شخصًا عائمًا في الدنيا، عرفت أغلب الأحيان ما أريد، وحين كنت أقل حظًا عرفت على الأقل ما لا أريده. أخطط لكل الأشياء وأرتب كل الأفكار، مهووسة بالجداول والقوائم والشطب الشطب الشطب والنشوة العذبة المرضية المصاحبة له، ثم أتت الكتابة لتضحك علي وتضحك معي ونضحك معًا لأن الحال نكتة فعلاً.

أكره نصائح الكتابة، أقرأ أول كلمتين بجدية وأكمل الباقي بـ نانا نانا ناااا.. لأن رأسي يقول: لأ. ورأسي بالمناسبة يقول لأ كثيرًا لأنها على ما يبدو هوايته. أنا على كل حال أبارك ممارساته لأني بطبيعة الحال مياله للفوته بالحيط والركض صوب ما لا يحبذ بالضرورة الركض صوبه.

لماذا لا تجدي معي نصائح الكتابة؟ أسباب كثيرة:

-       لا أعرف كيف أجبر نفسي. أقصد أن النتائج غالبًا سيئة بالإجبار، لأني بلى أعرف كيف أجبر نفسي، ولكني أقرر أخيرًا أن أصادقها وأصدقها وأعطيها فرصتها كي تتمدد قليلاً.

-       أنا من الحالمين والمؤمنين بالإلهام. (الكلمات فعليًا تأتي حين تختار أجمل مما تأتي حين أطلبها)

-       جربت كل الأشياء وركنت لفكرة أن لكل فرد طريقته. هذا ينافي كل هوس لي بالتنظيم، لقد هزمتني الكتابة وأدبتني بطرق تأديب غير تقليدية تدعو للعشوائية وتنبذ التنظيم.

-       لا أحب أن يملي علي أحد، بعد أن تعلمت كل الأساسيات بإخلاص، كيف أقوم بالبقية.

-       أحب أن تكون لي غباءاتي واكتشافاتي.

 

طيب "متى ينزل كتابك الجديد؟" لا أدري لأني لا أكتب حاليًا، سأكتب بعد قليل ربما، أو بعد أشهر، أكتبها منذ 3 سنوات، ربما أنهيها غدًا أو بعد 3 سنوات أخريات، وفي كل مرة ستسألني سأجيب: لا أدري، أعمل على ذلك. هل أكذب؟ لأ لأني أكتب وأنا أمشي، في الحمام كما يبدو، وحين أغسل الأواني صباحًا، ونادرًا حين أجلس فعلاً لأكتب. واكتشفت مؤخرًا، قبل الحمام بلا شك، أنني أكتب في أحلامي أجمل من كل المرات، لأن الأشياء في الحلم تملك وقعها وواقعها السحري الغبي المدهش بكل هذه الكلمات، نعم. إذ لماذا تبدو جملة عشؤائية غير مكتملة مثل "لكني الآن" ساحرة جدًا في الحلم وبلا جدوى خارجه؟ لأننا غالبًا في الحلم نملك سحرًا بلا جدوى خارجه، لكني مثل الحالمين السذج، أمشي إليه، برغبة في تحقيقه، ولهذا حياتي مليئة بالركض والفوته بالحيط، إذ هذا ما يحدث حين تمشي في الحلم.. أنت في الواقع تركض ناحية ما لا ينبغي لك أن تركض ناحيته، وتفوت بالحيط غالبًا.

لا أعرف الآن، سأعرف لاحقًا، لكني أملك إحساسي دومًا.

يسألني المدير في العمل عن راحتي، تبدو هذه إجابة ملائمة لم أكن أملكها وقتئذ. لعلها أتت، الجملة، في لحظتها تلك، لأن إيماني بإحساسي كان قد تأصل. لقد امتلكت إحساسي منذ أدركت وجوده، لكني ركنته دائمًا دون العمل به لأني كنت أدعوني لأن أحسن الظن، وأقدم العذر، وأحذر، وأصمت و.. ليش؟ لقد أثبت لي على الدوام، ودون عتاب، صدقه. صديقتي تقول أن ما نعتقده يحدث بالنهاية، ماذا عما نشعره ونتجاهله ويحدث في النهاية؟ هل اعتقدناه دون أن ندري؟ ماذا يحدث في عقلي الباطن؟ ولماذا أحلم بالكلمات ولا أكتبها؟ ومتى سينشر كتابي القادم؟ وهل أنا مرتاحة في عملي الجديد؟

لا أعرف الآن، سأعرف لاحقًا، لكني أملك إحساسي دومًا.


Saturday, January 2, 2021

حقائق.. حاليًا

 


اكتشفت مؤخرًا أن غسل الأواني صباحًا يبعث في نفسي الهدوء، وأني برغم ذلك لازلت لا أحب غسل ركوة القهوة.

اكتشفت أيضًا أن الصباح هو بركة اليوم فعلاً، حتى لو سهرت لأشهده عوضًا عن الاستيقاظ له، وهذا جعلني أكتشف أيضًا أن انعدام نمط النوم عندي وإن كان إشارة سيئة فهو لا يمنع بالضرورة استمتاعي بالنشاطات خارج أطاراتها الزمنية المتوقعة. فطور في الثانية عشر بعد منتصف الليل أو غداء في العاشرة صباحًا.

اكتشفت أن وزني قد زاد، لكنه ليس وزنًا زائدًا. وأن الأمر لا يستحق ساعات من التفكير، ربما ساعات مشي تعوض شهور المكوث في المنزل، واعتياد الجسد على الراحة، لكن لا ساعات عندي لأصرفها في القلق على فكرة أن قوامي الذي يعجبني ربما يجب ألا يعجبني كثيرًا لدرجة الراحة ونسيان النفس.

اكتشفت أيضًا أن ملابسي القديمة تساعدني على القسوة وعدم التقبل، تمامًا مثل تشبث المرء بفكره تبعث السموم في داخله، ومن حوله، فكرة  قد لا يكون لها زمن حاضر منطقي. ما دام ليس وزنًا زائدًا فهو وزن مثالي وإن لم يوافق وزني يوم اشتريت الجينز الضيق من توب شوب.

اكتشفت أن الفرص كثيرة، للبشر وللأشياء على حد سواء، لتحيا حياة أخرى، جديدة، ومع بشر آخرين، هذا قادني للتصالح مع فكرة التخلي، حببني في المنح، وعودني على التخفف، متى استطعت طبعًا.

اكتشفت أن الفراولة تحتل المرتبة الثانية من حيث التفضيل عندي فيما يتعلق بالفاكهة، بعد الدراق في مواسمه طبعًا.

اكتشفت أن الطريق لعلاقات أفضل مع أشخاص معينين، محفوف بمواسم كارثية، مع الأشخاص عينهم، وأن هذا مما لا بأس فيه.

اكتشفت أني أقدر على مصارحة نفسي بالكثير من الأشياء، وبأني مازلت أحاول التعامل مع أشياء كثيرة كنت قد صارحت نفسي بها، وأن هذا الفعل دوامة، لكنها ستقذفني عند نهايتها خارج الأذى، ولا بأس من أن أمكث في السكينة مغطاة بالجروح ما دامت السكينة مكاني لأشفى أخيرًا وأمشي نحو الرضا.

اكتشفت أن الحب هو أوسع مدى، وأفضل حافز، ولو جاء سليمًا، فهو شفاء العلل. هذا أيضًا جعلني أكتشف، بصعوبة، وبعد إنكار طويل، أن الحب لا يأتي دائمًا سليمًا، وأني أحيانًا، أعجز عن تقبل بعض أشكاله.

اكتشفت أني أحب الحلويات التي تحتوي على القرفة أكثر مما كنت أظن أنني أفعل. وأن الأصدقاء مرايا أرواحنا، وأني لم أضحك كثيرًا السنة الفائته.

وأعتقد، اليوم، ربما، أنني اكتشفت أخيرًا، كحقيقة لا تقبل الشك... حاليًا طبعًا، أن كل تجربة بشرية هي في الحقيقة مما لا بأس به ومما لا يمكن رفضه أو إنكار أحقيته في الوجود واكتساب المعنى.

ولعلي أغير رأيي بعد عامين، أو ربما غدًا. كل هذه على كل حال حقائق أعرفها عن نفسي.. حاليًا.

Wednesday, December 16, 2020

شيرنق إز كيرنق

 


أشتهي الفراولة منذ أيام. الحالة المادية تعيسة جدًا والمرء في حفلة أفكاره التي لا يمكن حشرها في خانة ما. الفراولة إذن رغبة لا يمكن تفسير نفقاتها، هذا ما يركن إليه العقل. أمشي بالثمانية دنانير التي عندي إلى فرع الجمعية التعاونية لأن الجو هذه الأيام يسمح بذلك. فراولة لأ، الأشياء المهمة أولاً. عقل المرء لا يتركه، يسأله وهو يمشي: ما المهم؟ ديودرنت صناعي غير صديق للبيئة لأن أصدقاء البيئة لزجون ولا يؤدون الوظيفة المطلوبة، أو هذا كان نصيبنا منهم على كل حال. قطن للأذن ماركة جونسون آند جونسون ذات السمعة السيئة وأعواد الأذن الممتازة. شفرات حلاقة استخدام واحد لأنها لا تجدي نفعًا بعد ذلك. عقل المرء يبالغ: الأشياء المهمة كلها سيئة. دراما تجعلني أخرج من الفرع خالية اليدين لأدخل الجبرة وأشتري علبة فراولة بدينارين وخردة أنساها اليوم كما لو أنني أملك رفاهية ذلك.

ما هي عزة النفس التي تشقيني؟ ألا أشعر الغير بأني لا أملك، ما هو الصدق؟ ألا أقول للنفس أنها تملك. عزة النفس تجعلني أشتري الفراولة، الصدق يجعلني أفكر: ياللغباء!

Sharing is caring
المشاركة هي الاهتمام، ترجمة حرفية. المشاركة تعني الاهتمام، ترجمة أقل حرفية. تعبير أجنبي يستخدم للحث على المشاركة والحد من الأنانية والاحتكار. أن تعطي مما تحب لمن تحب، الفراولة في سياقنا هذا، علبة الفراولة اليتيمة التي أضعها في الكيس صديق البيئة الذي حملته معي من البيت وحتى فرع الجمعية وأخبرت البائع بأني لا أرغب بكيسه البلاستيكي مع أنه أصر علي: خليني أحطه في الكيس أول عشان ما يوسخلكيش الشنطة يا ست الكل. ست الكل تجبر لي خاطري طبعًا لأني ست الكل رغم أن الثمانية دنانير أصبحت للتو خمسة دنانير وخردة لا أذكرها لأني لا أود ذلك. المشاركة تصبح همًا بعد حين، مثل البيئة التي لا أفهم متى تورطت في حمايتها، وفكرة أني يجب أن أتقبل الديودرنت الطبيعي الذي لا يؤدي وظيفته وأعواد الأذن التي لا أحب ملمسها وأسابيع من دون شفرات حلاقة.

أمشي إلى البيت وأنا أفكر كم تجعلني حقيقة أني لا أود مشاركة هذه الفراولة مع أحد شخصًا سيئًا يقول ما لا يفعل، وكم أن هذه الجملة الكليشية تدق مسمارها في الضمير وتملك الآن -لأني بالتكرار منحتها- الحق في أن تؤنب. أليس شأن المشي أن يحررنا من أثقالنا؟ ما هذه المشية الرديئة التي أمشيها؟ نفس عميق. المطرقة التي تدق المسمار تخلعه. أكرر على نفسي: شيرنق إز كيرنق ما استطعنا إلى الشيرنق سبيلا. لا سبيل طبعًا حين يتعلق الأمر بالفراولة التي لا أملك تفسير نفقاتها.

لا سبيل للمشاركة حين لا تؤاتينا الرغبة، حين تنغلق الروح على احتياجاتها، حين يمر اليوم كاملاً على المرء في غرفته لأنه لا سبيل لمشاركة الوقت مع كائن آخر، لا سبيل للمشاركة حين تجوع الروح لخلواتها، أو للفراولة طبعًا. حين تجوع الروح للفراولة، آكل الفراولة وحيدة في غرفتي وأنا أحاول أن أجدد في الروح قدرتها على التعاطي..... والمشاركة.